بين الشجيرات
*/\* السلام عليكم */\*
قصة أخرى لـ"ما بعد النهاية", وهذه القصة مجرد فكرة خطرت على بالي وكل سطر كوّن لي السطر التالي. لست واثقاً من العنوان لذا أترككم مع القصة
*) بين الشجيرات
بينما هو يمشى مستطلعاً كعادته، رآى جثّة كلب ميت يطير فوقها الذباب بين الشُجيرات..
أحكم قبضته على مسدّسه ونظر للخلف ثم همس لنفسه
"خميس يحمي ظهري، سأكون آمناً... أنا آمن"
ثم إقترب بقلق ليرى إن كان هناك أثر لما حصل لذلك الكلب المسكين.
هذا الشاب المدعو "ضامر ظهلام" لم يرى كلباً منذ الكارثة العظمى قبل سنوات، وحين وجد واحداً أخيراً كان ميتاً.
وصل إلى جوار الجثّة وهبط بجسمه بتأنّي مُبعداً الذباب بإحدى يديه، وتفحص الكلب المسكين ببصره ثم وجد ما كان يخشاه -
"ضربة مباشرة..."
يمكنه أن يرى مما تبقّى من وجه الكلب أثر رصاصة قاتلة، أحد ما قتله وضامر يعرف من يمكنه فعل ذلك بدم بارد
"هؤلاء ال-"
لعن "أولئك" بأسوأ الكلمات, ربما لم يكونوا هم من قتلوه لكن ضامر لم يفكّر بذلك الإحتمال.
فجأة صدر صوت من وراء الشجيرات
(هل هم هناك؟)
قبض على مسدسه ورفع في إتجاه مصدر الصوت، إذا رأى شخص وجه ضامر الآن فسوف يصفه بأنه وجه رجل على منصة الإعدام.. بالرغم أنه لم يعد هناك أي منصة إعدام.
"أ- أنا مُسلح!!"
قالها محاولاً أن يبدو شجاعاً, والعرق يملأ وجه.
لكن الصوت الذي إستجاب من وراء الشجيرات كان مألوفاً
"لا تطلق!! أنا خميس.. خميس!!"
"جيد...."
إرتاح ضامر عندما رآى صاحبه يخرج من وراء الشُجيرات،
كان الرجل صاحب المعطف الوردي يحمل مسدّساً أيضاً. قال وتعتبر وجهه تتغيّر من القلق إلى الإبتسام
"ما بك يا ضامر.. تبدو وكأن رأيت شبحاً"
"..أ ..."
لم يقل ضامر كلاماً بل أشار نحو جثّة الكلب.. ثم اللقب صاحبه يمشي نحو الجثة ليتقفدها
"مؤسف.. لم نرى كلباً منذ سنوات"
قال صاحب العطف الوردي وهو ينحني..
أراد ضامر أن يقول شيئاً لصاحبه لكن خميس سبقه بشهيق مسموع
"إنهم هم!! لقد وجدونا !!"
"كنت سأقول نفس الشيء"
قبض ضامر على مسدّسه.. لم يتوقّع أن أولئك الأشخاص سيتبعونهم إلى هنا !!
"علينا إخبار المجموعة!! يا إلهي... علينا مغادرة المكان فوراً"
نعم، المكان لم يعد آمنا... مثل كل مكان في العالم...
أمسكا مسدسيهما وإنطلقا نحو كوخ مجموعتهم, الكوخ الذي لم يعد آمناً
قال ضامر الّذي أحبّ الكوخ
"ظننت أننا وجدنا المكان الذي يمكننا الإستقرار فيه أخيراً"
"وأنا... تباً"
قال خميس وهو يضرب يده المقبوضة في كف يده اليمنى.
"لماذا....؟ لماذا يلاحقوننا؟"
لم يسأل ضامر لأنه لا يعرف، بل كان مثل سؤال طفل غاضب من والديه على أخذ لعبته منه مع علمه أن ذلك في مصلحته...
فقط لم يكن في مصلحته هذه المرة.
"لقد سرقنا طعامهم يا رجل!! كنّا سنفعل نفس الشيء لو كنّا مكانهم !!"
الطعام محدود هذه الأيام، أن تسرق طعام أحدهم يساوي ضربه بإبرة سامّة وهو نائم... النتيجة في الحالتين هي الموت البطيء.
"لم نسرق طعامهم!!"
رده ضامر بعنف مذعور
"منصور هو الذي فعل!!"
"لكن منصور رحمه الله كان في جماعتنا.. وقد مات قبل أن يصلوا إليه ألا تذكر !!؟"
فتذكّر مشهد موت منصور، كان يعبر الجسر سعيداً بالحصول على الطعام للمجموعة, لا يتذكر ضامر أنه تساءل من أين جاء صاحبهم بالطعام.
كان فقط سعيداً أنه سيتناول شيئاً على العشاء..
تابع خميس كلامه بعد أن تجاوزا جذع شجرة على الأرض
"لقد إنهار الجسر وسقط منصور معه، لم نستطع إنقاذه"
فتابعه ضامر
"ولا الطعام الذي كان يحمله..عندها كنّا سنتمكن من رد الطعام إليهم ليتوقفوا عن مطاردتنا.. أليس كذلك؟"
ربما كانت مجموعتهم ستأكل الطعام إن فعلوا ذلك وعندها سيستحقون مطاردة أولئك الأشخاص لهم. لكنه لم يفكر بهذا الإحتمال.
"لا أستطيع لوم منصور على السرقة منهم..."
قال خميس وهو ينظر إلى آخر حقل الأشجار
"ولا أنا... لقد كنّا جوعى جدّاً"
"لا أقصد هذا.. أولئك أشخاص أشرار... ليس على مجموعتنا فقط، لقد قتلوا واحداً منهم بدم بارد"
شعار تلك المجموعة كان البقاء للأقوى، حين أصيبت ساق أحدهم في إحدى المطاردات قتلوه كي لا يضيعوا عليه أدويتهم ولا يخبر أحداً بأسرارهم.
"والآن قتلوا كلباً مسكيناً...."
قالها ضامر وهو ينظر للإتجاه الذي كان فيه الكلب ولم يضع في ذهنه أنهم قد لا يكونون الفاعلين.
لاحظ خميس أسف ضامر فقد كان لديه كلب حراسة في الماضي قبل الكارثة.. لقد تكلم عنه من قبل حين تحدّثوا عن إختفاء الحيوانات..
بالرغم أنهما لا يلومان منصور على ما فعل قال خميس
"لكني لم أكن لأفعل ما فعله منصور... السرقة حرام..."
"لكننا كنّا سنموت!!"
رد عليه خميس بإنفعال
"كنا سنجد حلًّا آخر... ثم مالفائدة؟ سنموت الآن على أي حال!! السرقة خطأ مهما كان السبب"
هنا إعتلت وجه ضامر إبتسامة بين الساخرة والحزينة وقال
"سيكون كلامك مقنعاً أكثر لو لم تكن ترتدي هذا المعطف النسائي المسروق"
رد صاحب المعطف بوجه بين المنفعل والحزين
"لا تحكم علي... كانت إمرأة ميته وكان الجو بارداً... ثم هل كنت ستدفن المعطف معها؟"
إبتسم ضامر ضاحكاً فلم يستطع خميس مقاومة الضحك هو الآخر... كانت ضحكتهما ضعيفة لكنها حقيقية... لم يضحكا هكذا منذ وقت طويل.
حين توقفا عن الضحك نظرا لبعضهما.. وأحكما الإمساك على مسدسيهما وإنطلقا... ثم خرجا من حقل الأشجار وتعابير الإرهاق على وجوههم ونظرا نحو الكوخ..
هذا كل ما تبقى لهم...
فبعد الكارثة التي حصلت قبل سبع سنوات بدأت الحروب الأهلية بين سكان البلاد.. الإتصالات كانت منقطعة وبدأ الطعام بالتناقص فأضطر الكثيرون للهجرة وكان هؤلاء منهم..
حين إلتقوا في ملجأ كبير قبل عامين كان كل منهم لديه قصة مأساوية أوصلته إلى ذلك المكان.. كل منهم اُجبر على إتخاذ قرارات صعبة ونجى منها وربما لهذا السبب صار بعضهم قُساة القلوب...
حين نقصت مؤونتهم صنع بعض اللاجئين هناك قانون القوي يأكل الضعيف وقرروا قتل الجميع والإحتفاظ بالغذاء لأنفسهم.
ثم تحول الأمر إلى حرب كبيرة إنقسم فيها الاجئون إلى مجموعتين, مجموعة المسالمين ومجموعة النمور الذين نفوا المجموعة الأولى من المدينة. ظل الصلح بينهم حتى سرق أحد المسالمين طعاماً من النمور.
والآن لم يعد أمام هذه المجموعة سوى الهرب..
"سيكون يوماً طويلاً"
قال ضامر قبل أن يدخل إلى الكوخ مستعداً لإخبار مجموعته عن الخطر القادم.
[النهاية]
------------------
إنها حقاً بلا بداية ونهاية... وعالم القصة واسع وقد أكتب قصص أخرى فيه..
بالحديث عن الكارثة الكبرى.. لم أؤلف ما هي بعد وربما لن أفعل...
ما رأيكم ؟
بالحديث عن الكارثة الكبرى.. لم أؤلف ما هي بعد وربما لن أفعل...
ما رأيكم ؟
1 التعليقات: