الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

سائل له لون


*/~~ السلام عليكم ~~/*


هذه القصّة
كتبتها لأجل منتدى المانجاكا العربي كإختبار للإضمام للمشروع الصيفي (إضغط هنا لمعلومات أكثر).. لتكون مانجا من 5 صفحات فقط (إضغط هنا لرؤية لوحة القصّة)...

بالمناسبة سأقوم بإضافتها لسلسلة قصص "ما بعد النهاية" حين أصنع تلك القائمة.



*) سائل له لون




مضت أكثر من 10 سنوات منذ نهاية الحرب الكبرى لكنّ آثارها على البشر والأرض لن تختفي قريبا... 

(تعلّمت أنّ الماء سائل بلا لون ولا طعم ولا رائحة...)
وعلامات "الفقر" الغذائي تبدو على جسده ركض "قاسم" نحو صنبور الماء الّذي كان مثبّتاً في صخرة إسمنتية الّتي هي جزء من جدار بيت مدمّر, ثمّ فتح الصنبور ليندفع منه سائل بنّي اللّون يتجمّع في الكوب الّذي وضعه تحته.

(...إذا لماذا... هو بهذا اللون....؟)
بتردّد شرب قاسم "الماء" الّذي عرفه, وإعتاد عليه منذ صغره حتّى صار "طعمه الرديئ" شيئاً عاديّا في حياته... فلم يكن هناك "ماء" أقل تلوّثا من هذا في منطقتهم الّتي لم تسلم من الدمار.

ولكنّ منطقتهم لم تكن الأسوأ حالاً بعد الحرب, بل كان كلّ العالم في وضع مماثل, فقد تلوّثت مياه البحار والمحيطات, وصارت المياه الجوفيّة بُنيّة اللون.
والماء النقي قد يختفي للأبد.


"فوووووووووووووووووو"
بينما هو يشرب سمع صوتاً, مألوفا لكنًه لم يستطع معرفة مُصدره مباشرة.
حين نظر للأعلى ووجد خطّا من الدخان أدرك... ولم يحتج لتتبّع خط الدخان ليعرف أنّها "طائرة" إستطلاع  على الأرجح جاءت من القاعدة العسكرية في البلدة المجاورة.

في الحرب كانت تُستخدم غالباً للإستطلاع على العدو لكن الآن, بعد إدراك كل المتخاصمين الدمار الّذي تسبّبوا به... كان لهذه الطائرة عمل واحد.


"أبي!! أبي !!!!"
ركض على الأرض المهترئة...ووصل للباب المكسور والواضح أنه لمبنى بحوث علميّة سابق. مع أنّه في الداخل كان أشبه بمبنى صخري في آخر عمره.

صرخ قاسم بقوّة تجاه الرجل الجالس في آخر الحجرة 
"هناك طائرة تحلّق في الأعلى مرّة أخرى"

والده هو الّذي كان هناك, ومثله تماماً بدت علامات الفقر تملأ كيانه...
هذا الرجل تكلّم وهو يعبث بالمواد الكيميائية على طاولته
"لازالوا يجوبون الأرض بحثاً عن ماء نقي؟ ... إستهلكت العشر سنوات الماضية كلّ الماء الصالح المتبقّى على الأرض... إنهم يضيعون ما بقي لهم من الوقود بدون جدوى, سيكون أفضل لو إستخدموه في شيئ غير الطائرات"

"أبي...."

عدّل "أبو قاسم" جلسته قليلا وهو يمسك أنبوباً كيميائياً بإحدى يديه
"صحيح أنّنا يمكننا العيش بهذا الماء الملوّث لكن منذ نهاية الحرب صارت كلّ الأمطار حمضيّة وهذا قتل أغلب النباتات وإختفاء النباتات يجعل الحيوانات تنقرض تدريجيّا وبدونها لن نحصل على طعام..."

المشكلة لم تكن في "الماء" وحده, المشكلة فقط بسبب إختفاء الماء النقي.

تابع "أبو قاسم" كلامه بتأنّي وكأنّه يُراجع الحال الّتي هم فيها وليس مخاطباً لإبنه :
"والهواء الّذي نتنفّسه والماء الّذي نشربه الآن يسمّمنا تدريجيّا, وللشفاء من ذلك نحتاج للتقنيات الطبّية الّتي ضاعت خلال الحرب"

ثمّ إلتفت وإبتسامة نصر على وجهه قائلاً "لكن لدينا أمل"

إبتسم "قاسم" إبتسامة حزينة وهو يذهب نحو والده
"نعم يا أبتاه, فأنت أحد الأطبّاء الناجين من الحرب"

ثم أمسك مبتسماً دورقاً ما من طاولة والده يحوي سائلا أخضر اللّون
"وإختراعك هذا ينقص من ضرر مياهنا الملوّثة ويجعل طعمها مقبولا أيضاً"

حين رآى أبوه سعادته ذكّره بأن لا يرفع أماله كثيراً تجاه الإختراع
"لكنه مازال قيد التجربة...لن أنشر وصفته حتّى أتأكد أنه لا يصيب شاربه بأي مرض, أنا سعيد لأنّك وعائلة جيراننا بارك الله فيهم تطوّعتم لذلك"

قبل بضع أيّام أخبر "أبو قاسم" سكّان مدينتهم الأقل من خمسين فرداً بإكتشافه وأنّه بالرغم من محاولاته قد يكون سامّاً أكثر من "الماء" الّذي لديهم... تطوّع حوالي 10 أشخاص نصفهم فعلوه لأنّهم يكرهون "الطعم الرديئ" للماء الحالي.

"أخشى أن تكون هناك مضاعفات لهذا المحلول, لو كانت لديّ معدّاتي السابقة لدرسته أكثر قبل تجربته علينا... ليتني أجد أحد الأطبّاء الّذين كنت أعمل معهم لطلب مساعدته... لكن لايمكنني مغادرة المكان طويلا وضاعت كلّ وسائل الإتصال بسبب الحرب"

حينها رآى "قاسم" أنّ والده لا "يبحث" بل "يعمل"... فسأل والده مترقبا إجابة
"والآن هل تصنع المزيد من المحلول؟"

فأجابه مبتسما بفخر وهو يسكب المحلول الّذي كان يمسكه في يده داخل زجاجة الماء الملوّث
"ألم أقل لك أنّه قيد التجربة؟ أنا أحاول تطويره فسبب تغيّر "الماء" هو تغيّر بنيته الكيميائية فهو لم يعد H2O فقط.. محلولي يتفاعل مع الشوائب ويعادلها.. لذا يصير لونه وطعمه أقرب للنقي.. سأتخلص من جميعها في المستقبل إن شاء الله"


تسائل "قاسم" وهو يضع "المحلول" على الطاولة
"المستقبل...؟"

دون أن يلتفت للإبنه أخذ "أبو قاسم" المحلول من المكان الّذي وضعه فيه
"ربّما غدا... ربّما بعد عشر سنوات... لكن إن لم ننجح في إيجاد حلّ بسرعة فإن الحرب القادمة ستكون من أجل الماء ولو كان ملوّثاً... من لم يدرس التاريخ مقدّر له أن يكرّره لذا أخشى أنّ ذلك قريب"

الحاجة تؤدي للظلم والظلم يؤدي للقتال, إن لم تجد البشريّة "إتفاقاً" بسرعة فستحصل الحروب من جديد... هذه درجة حماقة البشر.

[الماء سائل بلا لون ولا طعم ولا رائحة.... ولكن الحماقة يمكنها جعله سائلا له لون].


[النهاية]
------------------



مقارنة بطولها أشعر أنّها من أفضل القصص التي كتبتها.. ما رأيكم؟ 



0 التعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ أحمد مانجا : للقصص المصورة
نسخة ahmadmanga المعدّلة من النسخة المعرّبة تعريب( كن مدون ) Powered by Blogger Design by Blogspot Templates