الأحد، 7 ديسمبر 2014

مئة ألف قتيل - مجرّد رقم


*/~~ السلام عليكم ~~/*


وهي قصة خلال حرب ما جزء من سلسلة "ما بعد النهاية"
لدي ملاحظات في بعد القصة


*) مئة ألف قتيل - مجرّد رقم


"لقد خسرنا الحرب"

وقف قائد الجيش في الساحة التي لم تمضي أكثر من بضع ساعات على إنطفاء شعلتها، ونظر أمامه للبعيد.. إلى ما بقي من جيش العدو القادمين نحوهم.

بعد مسافة ليست بطويلة سيتمكنون من إطلاق النار عليه وقتله.... لكنه لم يعد يهتم...

هل هناك فائدة من الإنسحاب الآن؟
هل هناك فائدة من محاولة الهرب؟

لم يعد هناك معنى لنجاته، ليس بعد أن فقد أكثر من 90% من رجاله... عدد الموتى تجاوز المئة ألف مقاتل و البقيّة لا يتجاوزون الثمانية آلاف أغلبهم مُصابون.
كان هذا بسبب سوء تخطيطه، تهوّره جعلهم يهاجمون بشكل مباشر عدوّا قدراته ليست معلومة لهم. لم يضع في الحسبان أن عدوهم قد يملك سلاحاً فتّاكا يدمّر كلّ شيء..
وهو الآن يدفع الثمن-

تسائل : لماذا؟
لماذا هو أحد القلائل الناجين؟
مع أنه كان يقاتل في الصفوف الأمامية إلا أن الإنفجارات كانت تتداول يمينه ويساره- دون أن يصيبه أي منها...

كأنها تسخر منه -
كأنها تخبره بأن عليه رؤية مصير مقاتليه حتى النهاية.

أدرك للمرة المليون أنه ليس في لعبة، وهو لا يحلم... الحقيقة أنّه قد مات مئة ألف من جنوده، وسيموت الآخرون وهو من بينهم خلال دقائق.

مئة ألف...
أي عشرات عشرات العشرات من جنوده...

صحيح أنه لا يعرف شخصيا منهم سوى أقل من عشرة، لكنهم جميعا -كل المئة ألف منهم- وضعوا حياتهم تحت قيادته. وفي النهاية خيّب ظنهم...

مئة وثمانية ألف وثمان مئات وتسعة وتسعون مقاتلا... هذا كان عدد المقاتلين تحت قيادته، بالأمس كان لكل واحد منهم حلم أو هدف مختلف، كان الرابط المشترك بينهم هو الرغبة في حماية الأرض -

لكن الآن صار الرابط المشترك بين أغلبهم هو عدم إنتمائهم للأحياء...

وهو أيضا... اليوم هو "بشر" وغدا سيكون "رقما"... لقد تقبل مصيره القادم إليه.

فجأة بينما هو يائس باغته صوت باكي من الخلف
"قائد !!"

لبضع ثوان نسى أنه لا يزال حياً، ونسى أنه قائد لجيش كامل، حتى لو لم يتبقى من الجيش سوى أقل من 10% من مقاتليه الأصليين فهو لا يزال قائدهم-
إلتفت القائد ليأمر جنوده- مع ذلك حين رآى رجلا واحدا فقط هناك لم يعرف ما يفعل.

لكن ذلك الجندي المخلص لم يسأل عن الأوامر، بل قال شيئا أكثر بساطة، وكان أكثر وضوحا.
"لننسحب يا قائد!!"

كانت هذه كلمات هذا الجندي الذي يعرفه القائد جيدا منذ سنوات، كانت كلمات يائسة، هذا ما ظنّه القائد في البداية...
لكن لا، بل كانت كلمات مليئة بالأمل.. كان أملاً يائساً لكنه لايزال أملاً...

الإنسحاب- الهروب-
دماغه المنطقي يأمره بتطبيق هذا، لكن جسمه تجمد ولم يستطع أن يتحرك!!

ذلك الجندي المخلص قال
"أسرع يا قائد!! لنهرب مثل الآخرين... إن الطريق آمنة الآن والملجأ قريب... صحيح أن مكان المعركة فارغ الآن لكنّهم سيقتلوننا إن عثروا علينا... صحيح أننا خسرنا معظم أصدقائنا لكننا سنخسر أنفسنا أيضا إن لم ننسحب"

بالرغم أنه سمع كل كلام الجندي، فهو لم يدرك بعد ما عليه فعله... بسبب تهوره مات مئة ألف... جزء منه أبى أن يغادر المكان.

مئة ألف... ماتوا بسببه .... كيف يمكنه المغادرة؟

فجأة لكمه الجندي على بطنه-
لو فعلها الجندي في ظرف آخر لربما حصل على عقوبة قد تصل إلى الإعدام- لكن هذه حرب

"ألم تفهم؟! ستموت!!"

"...؟"

"وسيموت كل من بقي من الرجال الذين وضعوا حياتهم تحت أمرك!!"

"...!!؟"

لم يبدي القائد أي حركة مما دفع الجندي لإمساكه وجرّه معه وهو يجري-
"هيا تعال معي"

"...؟"
سكت القائد... لو كان يستطيع التفكير لعلم أن جرّ ذلك الجندي له دون أن يحاول الحديث معه يعبّر عن فهمه لحالته...

إنهيار !!

"نحن بخير..."
قال الجندي بعد فترة، حين إقتربا من الملجأ.. مع أن صوته كان سعيدا وجهه لم يكن مبتسما أبدا.

القائد الذي إستعاد وعيه الآن لاحظ أخيراً أن وجه الجندي كان أحمراً بلون الدم، كان مُصاباً بشكل كبير لدرجة أن جرّ قائده إلى هنا كان معجزة.

القائد أراد أن يتكلم، لم يعلم ماذا أراد أن يقول.. ربما أراد أن يشكره أو ربما يسأله عن حال من بقي من الجنود...
لكنه لم يجد الوقت...

حصل إنفجار على بعد أمتار قليلة منهما، وتأثير ذلك الإنفجار سيتمكن من إبادتهما بسهولة.

في لحظاته الأخيرة مرّت في ذهنه تخيلات لنشرات الأخبار من قنوات مختلفة...

في قنوات "الأعداء" سيتفاخرون بحصولهم على منطقة أخرى من "الأرض".

في قنوات "المدافعين" سيلقون اللوم عليه كما يستحق لأنه سبب فقدانهم للصف الأمامي من رجالهم.

وفي قنوات أخرى التي ربما تكون محايدة سيقولون "الرقم" بلا مشاعر... سيقولون أنه تمت إبادة مئة ألف من رجال تلك "الأرض".

على الأرجح سيقولون ذلك بدم بارد، لأنه بالنسبة لهم مئة ألف قتيل مجرد رقم.

خلال لحظات لم يرى سوى درجات من اللون الأصفر، وفجأة إختفت كل الألوان والألم صار يقطع ما بقي من أعصابه -

إنه يموت....

إنه ميت....


[فشلت المهمة]
------------------



  كنت أشاهد الأخبار في أحد الأيام وخطر على بالي , مات 10 أشخاص في حريق ... مات 3 رجال في حادث .. مات 152 شخصا في مظاهرة .. كلهم ماتوا ونحن لا نسمع إلا بأرقامهم. صار الموت بالنسبة لنا مجرّد رقم...

هل يفترض بالأخبار جعلنا نتعاطف معهم؟ حديثهم عن هذه الأرقام بارد جدا لدرجة أنني لن أستغرب لو تكلم مذيع الأخبار عن موت بلدة كاملة بنفس الطريقة.

لذا وجدت نفسي كتبت هذه القصة...

هناك 4 تعليقات:

  1. هه أجل مجرد أرقام ...! فقط لو ان من يقولها ببرود يكون مكان أهلهم !! مكان من تعنيه حقا هذه الارقام !!!!
    لم اكن اريد القراءة الان لكن ماكتبه بآخر القصة جعلني اعود لقرائتها ..

    ردحذف
  2. ما يؤسفني أنني لم أعد أتأثر بأخبار الموت في الأخبار.. صحيح إن كان أحد معارفي سأحزن كثيراً لكن أسلوبهم وهم يقولون هذا الكلام بارد جدا..

    "أنت تتحدث عن حياة إنتهت يا هذا.. كن مقنعاً أكثر"

    ردحذف
  3. لا ألومك .. هذه هي النتيجة اصلا .. حتى من لازال في الواقع لا يدرك حجم المصاب فكيف بالبعيدين ! اريد فقط ان يمروا بمثلها ليعرضوها ب " انسانية " اكبر .. كلما اقترب الامر من الموت " بحق " وقتها ندرك حجم الخسارة ..!

    ردحذف
  4. اسف لقد تأخرت في قراء بعض القصص لكني بدات فيها الأن
    المهم القصة جميلة من ناحية سوداوية بالمناسبة سلسلة *ما بعد النهاية*
    بدأت تصبح شيء كبير بنسبة لي للأسف لا استطعي قول اكثر من ذالك

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة لــ أحمد مانجا : للقصص المصورة
نسخة ahmadmanga المعدّلة من النسخة المعرّبة تعريب( كن مدون ) Powered by Blogger Design by Blogspot Templates